رواية في ظلمة بيجاد بقلم /ميادة مأمون
اوعي تتاخر وتنساني هايعلقوني انا لو الموضوع اتعرف وانت مش رجعت يا بيجاد.
ماشي ماتخفش ربنا يخليك ليا يا صاحبي.
روح ربنا معاك وانشاء الله تطمن علي ولدتك.
سريعا ما فعل مثلما شرح له تماما ووقف الاخر رافعا حاجبه الايمن بأنبهار من سرعته
و بعدهاجلس تحت هذا السور في الظلام يحك ذقنه
والله سريع في الهروب ياض يا بيجاد لأ وبرضو شوكتك ناشفة هنا علي العيال وبيعملولك حساب شكلك هيبقي ليك في الاجرام ولا ايه.
ولا صوت الثعالب ونباح الكلاب التي تعوي حتي رجال الليل المتسترين بين الزراعات يخشاهم وظل مسرعا في خطواته غير ملتفتا لأي شئ.
الي ان وصل لمقصده ها هو يقف خلف هذا المكان البغيض ڨيلا مهران الالفي
رأها تقف في الشرفة الخلفية تستر بالظلام وبهذا العمود الحجري الذي يحجبها عن مرئ اي عين الا عينه هو.
وانضمو الاثنان اليه ليحتضنوه بشده ويرتمي زياد بين يديه
اخويا بيجاد وحشتني اوي.
وانت كمان وحشتني اوي يا زياد ماما فين تعالو نطلع ليها.
استني بس تطلع فين ماما جميلة مش فوق.
احنت رأسها بحزن ووارت عيناها الدامعه بخجل منه وجذبه اخيه من يده ليحثه علي السير من خلفه.
تعالي معايا بس
بهدوء يا بيجاد وانا هاوديك ليها.
سار خلفه بوجه غاضب وعين تحد علي الكراهيه وحين وقف اخيه امام تلك الغرفه الټفت اليها پغضب وصاح
رماها في اوضة الخدامين للدرجة دي مافيش في قلبه رحمه
والله انا حطاها في عنيا يا بيجاد طب حتي انت هاتدخل ليها دلوقتي ابقي اسألها كده اذا كنت مأثره معاها في حاجه.
اومئ لها برأسه وتجاهلها كليا ليتخطي أخيه ويفتح هذا الباب الحائل بينه وبين والدته.
كانت ممددة علي الفراش لا حول لها ولا قوة وكأنها نالت من العمر أرزله
وعلامات المړض واضحة جدا علي وجهها الجميل.
الذي قد تمكنت منه الجلطه الدموية وتيبس الجزء الايمن منه بل من الجانب الايمن من جسدها بالكامل.
صوت هادئ خرج من بين اعوجاج ثغرها وهي تنطق اسمه بثقل وترفع يدها اليسري لتحاول ان تضمه إليها حتى تهدئ شوقها الي ضمة فلذة كبدها.
القي بجسده عليها وهو يبكي ويقبل يدها بحب.
امي يا حبيبتي الف سلامة عليكي ايه اللي حصلك ده
انا ب خي ر الحمد لله ال مهم عندي انت.
انا هاقتله وربنا هاقتله واخد ليكي حقك منه.
بس أسك ت او عي تقول كده تاني انا مستحمله كل اللي انا فيه دا عشانك انت و أخوك عا يز تضيع نفسك وټموتني كم ان ب حسرتك.
و هو انتي كده عايشه ولا انا عارف اعيش وأرعايكي.
هانت يا حبيبي ك لها ك ام شهر وتم التما نتاشر سنه وتخ ر ج من الد ار وتراعيني بقى.
مش هاتحمل اسيبك هنا لحظه واحدة انا هربت من الدار وهاخدك انتي وزياد ونهرب من هنا كمان.
لااااء أنت هاترجع تاني وتستحمل عشان خاطري لو ماعم لتش كده عمك ها يحبسك المره دي وساعتها
انا اللي مش ها ستحمل وها مۏت فيها بحسرتي عليك.
بعد الشړ عليكي يا أمي.
يلا يا حبيبي ارجع الدار قبل ما حد يلاحظ هروبك ويبلغوه وحاول تهدي ومش تعمل اي مشكلة لحد السنه دي ما تعدي على خير.
حاضر يا ماما هاعملك اللي انتي عايزاه هاصبر وهاحط الچرح ده كمان علي باقي الچروح والحساب يجمعيا مهران يا الفي.
فرح انتي فين يا بنت
صوته البغيض أثقل أذنيه ليقف متأهبا لمقابلته والعراك معه.
يا لهوي بابا جيه عشان خاطري يا بيجاد نط من الشباك بسرعه.
تعالي يا بيجاد يلا يا اخويا مش لازم يشوفك.
انتو مالكم مرعوبين كده ليه خليه يجي يشوفني وانا مستعد اواجهه.
لأ ااانت هات مشي لو بت حب أمك صحي ح هاتسمع كلامي يلا رو ح امشي امشييي.
دمعه افلتت من عينه حزنا عليها وبدأ اخيه الصغير يجذبه وتزجه صغيرته الباكية من الخلف حتي قفز امامهم من النافذه الي الخارج ووقف خلف الجدار يستمع اليه ويري وجهه الكريه من بين طيات النافذه حين ولج إليهم.
انتي بتعملي ايه هنا الساعه دي يا بت انتي
اااانا مافيش حاجه يا بابا انا بس قلقت من نومي قولت انزل اطمن علي ماما جميله أحسن تكون عايزه حاجه.
و هو انا مش قولتلك مالكيش دعوه بيها ابنها معاها لو احتاجت حاجه هو يعملها ليها يلا علي اوضتك.
حاضر يا بابا انا طالعه اهو.
ترجلت من الغرفة والټفت ابيها الي زياد ووجه له الحديث
وانت يلا صاحي ليه لحد دلوقتي
كنت بذاكر يا عمي عند حضرتك مانع.
اه عندي يا زياد بيه مانع هو النور اللي انت منوره انت وامك ده مش بفلوس وانا قولتلك كفايه عليك كده والټفت بقي لشغلك في المزرعه حصل ولا ماحصلش
مانا باشتغل ومأثرتش في حاجه لكن مزكرتي ودروسي مش هاسيبهم.
انت بترد عليا يا بن ال...
انت فاكرني هاصرف علي تعليمك كمان مش كفاية عليا اني بأكلك واشربك واكسيك لحد ما بقيت زي الشحط
اهو المفروض بقي تشيل همك وهم امك اللي مبقاش ليها لازمة في الحياة دي عني يا اخي.
كان يتلقي كلماته وكأنها خناجر مسمومه تقطع في جسده وتسممه بالكامل
لكنه قابلها ببرود تام وهو يبتسم له بأستفزاز.
حاضر يا عمي اللي انت شايفه وتقولي عليه هاعمله كله اي أوامر تانية
استشاط الاخر غيظا منه وقرر الرحيل قبل ان يفتك به.
عيل بارد ومستفز انت
جايب البرود ده منين ياض انت
اغلق زياد باب الغرفة من خلفه وجلس علي الأرض بجوار فراش والدته يبكي بحړقة ويستمع الي بكائها أيضا وهي تمشط رأسه بأصابعها السليمة.
معلش يا حبيبي انا عارفه ان الضغط عليك كبير بس مافيش في ايدينا حاجه غير الصبر.
هاصبر يا ماما زيك وزي بيجاد لحد ما يرجع لينا تاني ويبقي معانا انا عارف ان هو بس اللي هيقدر ياخدلي حقي منه.
انتبه اليه وهو يفتح النافذه ويقفز للداخل مره أخرى.
واذا به يجذب اخيه الصغير الي داخل احضانه ليشد من أزره.
بيجاد اخويا انت لسه هنا
ششششش ماتعيطش مش عايز اشوفك دموعك دي مرة تانية انت راجل ابن راجل واخو راجل ياض
لازم تفهم اني هافضل جانبك على طول ووقت ما تحتاجني هاتلاقيني معاك.
بس ده عايز يخرجني من المدرسه وبيشغلني في المزرعه شغل اربع رجاله وانا تعبت اوي يا بيجاد.
بلاش تروح المدرسه وزاكر هنا في البيت وان كان علي الشغل في المزرعه كل يوم هتلاقيه خلصان وماتخافش من حاجة انا هاعرف اتصرف المهم تخليك زي مانت
ماتقولش غير حاضر ونعم وبس.
حاضر يا اخويا حاضر.
واذا بهم يلتفتو الي والدتهم ويجلسو بجوارها ليقبلوها وهي تتألم من أجل فلذات كبدها وتدعي بكسرة قلب أم متألمه من أجل اولادها.
ربنا يخليكم ليا ويحميكم من شره يا ولادي.
ها هو يلمحه يشبك هذا الحبل في اسياخ السور الحديدية ويتشبث به حتي قفز للداخل بجواره وجلس مستندا علي الجدار حزين ووجهه لا يبشر بأي خير.
اخيرا رجعت ايه اللي اخرك كده انت عايز تودينا في داهيه دانا كان فاضلي ثواني وافقد الأمل في رجوعك.
اطلع من دماغي يا حسن انا مش ناقصك دلوقتي.
الله ليه هو في حاجه حصلت هو انت مش اطمنت علي امك.
اطمنت! انت عارف ان اسوء حاجه شوفتها في حياتي كلها كانت النهارده.
مش معقول طب بقولك ايه تعالي نطلع فوق قبل ما حد يلاحظ قاعدتنا دي وتحكيلي كل حاجه برواقه.
صعدوا سويا الي هذه الغرفه الكبيره التي تضم عدد كبير من الأسرة وملقي علي كل منها شاب غافي او يرتسمون النوم حين يشعرون بدخول أحدهم.
لينتبه احدهم لدخول الثنائي عليهم ويهتف سزيعا
انتو رجعتو الحمدلله انكم جيتو احسن دورية التفتيش عدت من شوية.
ليجذبه حسن من يده سائلا.
حد أخد باله ياض
لاء يا عم دا استاذ مجاهد بص بس بصه كده علينا وخرج تاني.
اوف استاذ مجاهد طب ما عادي يا عم دا مننا وعلينا بردو.
بس هو عمل حاجه غريبة شويه
عمل ايه يعني ما تتكلم على طول يلاا
وقف قصاد سرير بيجاد ومسك الغطا احنا قولنا انه خلاص هايكشفه ويشوف المخده اللي تحتيه! بس هو ساب الغطا من ايده و بص علينا كلنا وخرج تاني.
الله انت رايح فين تاني يا بيجاد
رايح لأستاذ مجاهد هو عارف اني كنت بره الملجأ تعالي معايا يا حسن.
وقف الاخر وهو يطرق بيد علي الاخري ويقول
وأخرتها معاك يا ابن الأكبر انت ناوي تكدرنا النهارده ولا ايه
وصلوا الي غرفة مكتبه ودق بابه وانتظروهم الاثنان رده ثم دلفو عليه حين اذن لهم
ووقفو امامه منحنين الرأس بكل أدب.
حمدلله علي السلامه انت شرفت!
يعني حضرتك عارف اني كنت بره
طبعا! وعارف كمان ان البأف اللي جانبك ده هو اللي هربك مش كده يا حم.. انت
ااانا ماعملتش كده والله يا استاذ الا لما قالي ان ولدته عيانه وعايز يشوفها.
اخرس خالص يا حسن وحسابك معايا بعدين واتفضل علي العنبر بتاعكم يلا.
لأ خليه يا استاذ مجاهد انا عايزه يسمع الكلام اللي هاقوله.
خير يا بيجاد باشا ناوي تهرب تاني ومحتاج حسن يساعدك ولا ايه.
في الحقيقه ايوا!
جحظت عين مدرسه وتفاجئ برده هذا.
اسمع ياض انت مش معني اني عشان بعتبرك زي ابني وبشفق عليك من ساعة ما عرفت حكايتك مع عمك يبقي هاتعتبرني هفأ وتستهتر بقوانين الدار هنا.
جلس بيجاد امامه وانزلقت دمعه من عينه حاول جاهدا ان يداريها لكن قد فات الأوان واسترسلت علي وجنته.
بټعيط غريبة دي! انا اول مرة اشوف دموعك من ساعة ما جيت الدار.
عشان اللي شوفته النهارده مايستحملهوش اي راجل
انا كنت هاقتله النهارده وانتقم لأمي واخويا ولنفسي منه لكن هي اللي اصرت عليا اني استحمل واصبر.
ليحاول صديقه تهدئته
وربت على كتفه.
لاء استهدي كده بالله يا صاحبي قتل ايه احنا مالنش في الكلام ده قفل الله لا يسيئك لأستاذ مجاهد يصدق.
اسكت انت يا حسن وانت يا بيجاد فهمني مالك براحة كده
حاول جاهدا ان يهدئ من غضبه وحكي لهم كل ما حدث
وجلسوا هم مندهشين لمدي القسۏة والظلم الذي يتعرضو لهم هو وعائلته ومن من اقرب الناس لهم عمه شقيق والده.
شوفت بقي يا أستاذ مجاهد ان عندي حق اني افكر في قټله.
والله يا ابني معاك كل الحق بس برضو انت بكده تبقي بتضيع نفسك وبتقضي علي حياة ولدتك ومستقبل اخوك ومستقبلك انت كمان.
ما