رواية ملحمة الروسي بقلمي/ميادةمأمون

منها هي تلك السيده التي اسقطها القدر في طريقه و لم تقابل منه غير المصائب.
-وحشتيني يا ماما لبني.
اقترب منها قبل جبينها و ابت الدموع ان تصمد في عينهم حين تلاقت.
ضمھا الي صدره و هي تبكي بشده و هو ايضا بكي بل انهار داخل ذراعيها و كأنه مشتاق لضمة والدته.
و بعد فتره جلسوا سويا و هتف.
-ماكنتش عايز اجي عشان كده ماكنتش عايز اصحي وجعك اللي اصلا مش عارف اخلص نفسي منه.
استدارت ناظرة الي طفله لتشير عليه بكل ألم.
-ۏجعي ۏجعي عايش معايا يا صقر مش بيسبني بيكبر يوم بعد يوم و انت بدل ما تشيل معايا بعدت عننا احنا الاتنين.
جفف دمعها بمحرم ورقي نظيف ثم ابتسم لها و مد يده الي صديقه.
-خلاص يا ماما لبني من النهارده احنا التلاته مش هنفترق ابدا انا و انتي و جاسر هنرجع عيله تاني هاته يا مازن.
للمرة الثانية رفض الطفل ان يذهب اليه بل بكي و صړخ و كأنه يريد ان يلومه علي كل هذا البعد.
احتضنه مازن جيدا رابتا على ظهره بهدوء ليزيل رهبته.
-معلش يا صقر هو بس خاېف عشان اول مرة يشوفك.
تفهم علي صديقه و اومئ برائسه موافقه الرأي ليلقي السلام على زوجته.
-طيب يا مازن مش مشكله انا مش مستعجل و فاهم انه متعلق بيك.
-ازيك يا اميره حمدلله علي سلامتك.
-الله يسلمك يا صقر ماتزعلش خد يا سيدي شيل ساندي و انت هتلاقيه جاي ليك لوحده.
حمل طفلتها بين يديه تكاد لا ترى من صغرها على كفيه.
-مشاء الله دي بنتك دي سكر و صغننه اوي يا مازن.
-عندها ٣ شهور بس يعني جاسر اكبر منها ب شهور
-ربنا يخلي يا رب.
ليتفاجئ بالصغير يأتي اليه بخطواته الضعيفه مقتربا من ما يحملها على كفه.
-اهلا و اخيرا رضيت عليا و جيت ليا يا جاسر باشا
ضحك صديقه و اخذ منه طفلته ليحمله هو عوضا عنها.
-مش قولتلك هو بيروح للي معاه ساندي.
امتن بالشكر للصغيرة ضاحكا.
-دا احنا علي كدة لازم نشكر الأنسة ساندي
و نخليها معانا علطول يا ماما لبنى.
لامته الجدة لبنى على ابعاده مؤكدة جميلهم إليها و عدم فراقهم لها.
-انت بتقول فيها يا صقر مازن و اميرة تقريبا مش بيسبونا لوحدنا ربنا يبارك فيهم يا رب.
و هنا قرر مازن ان يلهيهم عن العتاب واضفي روحه المرحه على المكان.
الحقي يا اميرة ماما لبنى باعتنا اول ما صقر جية و اعتبرتنا مش ولادها.
فهمت زوجته مرواغته في الحديث لتجاريه فيما بدء.
-ماتقوليش كده يا ماما لبنى هو انتي بتعبرينا اغراب و لا ايه.
ابتسمت لهم السيدة الحنون فهى تعلمهم جيدا.
-لاء ازاي دانتو ولادي ربنا يخليكو ليا.
اومئ صقر برأسه لهم ليقترح عليها قربه من صغيره بكل الطرق.
-طب ايه رأيك بقي تطلعي معايا انتي و جاسر الحج السنة دي و بعد كدة تيجي تغيري جو في الواحه.
-و نعرف الاستاذ ده علي املاكه و نخلية ياخد عليا شويه.
-اللي تشوفه يا حبيبي اهم حاجه انك تعوضه عن غياب امه و تحببه فيك وتعرفه انك ابوه.
-انشاء الله يا ماما هايحصل.
و بعد انتهاء موسم الحج عادوا من الاراضي المقدسة
الي الواحة و جوها النظيف و اقترح صقر عليها ان يمكثوا فيها لمدة طويلة حتي ترتاح هي و ينمو طفله في جو هادئ.
و اخيرا ما عاد الي عمله انتعشت واحة الروسي و دبت روح العمل بها مثل سابق.
و بدء يباشر ايضا عمله في الجبالي جروب لتعود مجموعة شركاته اقوي مما سبق في سوق المستحضرات الطبية.
كل هذا و هو يغمر طفله الذي بدء يكبر بحبه و حنانه و لم ينسى أيضا ان يعلمه امور دينه.
لكنه لم ينساها لم تغب عن باله في يوم قط بل كان دعائه كل ليله ان يجمعه الله بها يوم اللقاء العظيم.
مرت سبعة عشر عاما توفت الجدة و ټوفي ايضا ذلك الرجل الحنون عم عبدو الذي كما رباه ربي طفله لمدة قصيرة قبل ان يرحل و يتركهم بمفردهم.
و بعد مرور تلك الفترة من الزمن.
ترجل من باص المدرسة امام ڤيلته و اشار لصديقته و ابنة صديق والده ساندي بالسلام هي و أخيها.
-باي يا ساندي.
اشارت له من نافذة الباص و هي تهتف
-باي يا جاسر اوعي تنسي تكلمني في الموبايل لما تجهز.
-مش هنسي بس ابقوا اجهزوا انتو بسرعة باي يا حازم.
اجابه اخيها الصغير ذو الخامسة عشر عام.
-باي يا جاسر.
رحلوا من امامه و دلف هو الي داخل الڤيلا ليقابل امامه تلك المربية التي جلبها له والده منذ صغره.
ليفزعها كالعادة بنخزة من يديه دادة سيدة ازيك يا بطة
انتفضت السيدة في وقفتها شاهقة.
-اخص عليك يا جاسر انت مش هتبطل شقاوتك دي.
وقف يرقص لها حاجبيه و هو يضحك و يقذف من حولها لاء طبعا مش هابطل انتي لوحدك هنا و لا ايه هو بابا لسه مجاش.
-مجاش منين هو ماخرجكش النهارده
-طيب انا داخله هو في المكتب مش كدة.
-ايوا ادخل ليه و انا هاحضر ليكم الغدا.
-ماشي يا بطة.
دق باب مكتبة و دلف اليه وجده يقف معطية ظهره امام مكتبه.
هتف له بحب و ادب في نفس الوقت فهو برغم حبه له الا انه لم يفقد هيبته امامه.
-بابا
كان يشعر به من وقت دخوله الا انه كعادته لم يلتفت اليه.
-تعالي يا جاسر عملت ايه في الامتحان.